“أسبوع في القاهرة” يوناس لوشر يشارك في تحرير النسخة العربية لروايته “كرافت”

في 17 سبتمبر ولمدة أسبوع، زار الكاتب السويسري/ الألماني “يوناس لوشر” مصر للمشاركة في تحرير الترجمة العربية لروايته الجديدة “كرافت” والتي ترجمها الدكتور معتز المغاوري، أستاذ اللغويات بقسم اللغة الألمانية في كلية الألسن جامعة عين شمس. الرواية التي كتبها بأسلوب فلسفي عميق. فهي عن بروفيسور في اللغويات، “كرافت”، والذي يعاني مشاكل كبيرة مع زوجته لا مفر منها إلا بالطلاق بالإضافة إلى أزماته المادية. وقد أُرسل إليه إعلان من صديقه “إشفان”، البروفيسور في جامعة “ستانفورد”، عبر الإيميل. كان الإعلان عبارة عن مسابقة لمناقشة فكرة فلسفية تحت عنوان لماذا هناك شر رغم وجود الإله. وأفضل إجابة تفوز بمليون دولار. فينتهز “كرافت” هذه الفرصة كي يتخلص من كل مشاكله الزوجية والمادية ويقرر الاشتراك في المسابقة. إنها رواية اختار فيها “لوشر” أن يجعل شخصيته “كرافت” – والتي تعني في الألمانية “القوة” – غير اجتماعي، عميقًا، فلسفيًا، ينظر للأمور بنظرة مختلفة، تجمع شخصيته بين السخرية والكآبة؛ كي يثير عقل القارئ، ويجعله يتعمق بفكره هو أيضًا ويصل لإجابة لمحور الرواية ألا وهو الذات الإلهية، والكون، والخير والشر عن طريق الدراسة والبحث وليس عن طريق الاقتناع الفطري. وجدير بالذكر أن روايته هذه فازت بجائزة الكتاب السويسري في الوقت نفسه الذي تعاقدت فيه العربي للنشر والتوزيع على حقوق الترجمة العربية في عام 2017.
كانت الزيارة مثمرة وجيدة لكلٍ من فريق العربي للنشر والتوزيع وكذلك “يوناس لوشر”؛ حيث كانت المناقشات تدور بالإنجليزية والألمانية مضفية روحًا من الثراء اللغوي والثقافي، بين فريق التحرير العربي للنشر والتوزيع والأستاذ شريف بكر مدير الدار والدكتور معتز المغاوري و”يوناس لوشر”.
كانت عملية الترجمة قد استغرقت عامًا وشهرًا تقريبًا، بينما استغرقت عملية التحرير والمراجعة مع “لوشر” 5 أيام. في اليوم الأول، تمت مناقشة الطريقة التي تم اتباعها في الترجمة إلى العربية مع “لوشر”، ومراجعة بعض النقاط الصعبة والمهمة في الرواية التي تحتاج إلى المناقشة معه مثل علاقة اسم “كرافت” بشخصيته في الرواية، والنظريات التي كان يستعين بها للإجابة على سؤال المسابقة، هذا بالإضافة إلى الإشارات السياسية التي تتعلق بتاريخ ألمانيا. وشاركت الدكتورة سمر منير، أستاذ اللغة الألمانية بكلية الألسن جامعة عين شمس في ورشة العمل في اليوم الأول. في اليوم الثاني، استكملنا الحديث على أهم النقاط الصعبة في الرواية التي تحتاج إلى توضيح من “لوشر” واستغل فريق العربي للنشر والتوزيع في ذلك اليوم زيارة مجموعة من أساتذة ومعيدي اللغة الألمانية بكلية الألسن جامعة عين شمس ويرأسهم الدكتورة علا عادل، والتي سبق لها أن ترجمت لـ”لوشر” روايته الأولى “ربيع البربر”، للمشاركة في ورشة العمل. تمت مناقشة التعبيرات الصعبة والصريحة كذلك التي يصعب نقلها بسهولة إلى الثقافة العربية، وتم تبادل الآراء بين الأساتذة والمترجم وفريق تحرير العربي للنشر والتوزيع و”لوشر” لمناقشة حل هذه المشكلة. في نهاية اليوم، احتفل الفريق بأكمله بهذا اللقاء في أحد المطاعم.
وفي اليوم الثالث، قام فريق العربي للنشر والتوزيع بقراءة بعض الفصول المهمة في الرواية التي تمثل محورها بمشاركة “لوشر” باللغة الألمانية والإنجليزية والعربية لمراجعة دقة الترجمة وحسن نقلها إلى العربية بأفضل صورة. وشاركت الأستاذة لبنى دياب، منسقة برامج مركز المعلومات بمعهد جوته بالقاهرة في عملية المراجعة في ذلك اليوم. وتم ختام اليوم بحوار صحفي مع الصحفية في “أخبار الأدب” عائشة المراغي مع “لوشر”. وفي اليوم الرابع، استكمل فريق العربي للنشر والتوزيع والمترجم د. معتز المغاوري عملية التحرير مع “لوشر” بمراجعة جميع الاقتباسات التي وضعها في بدايات الفصول ومدلولها وأهميتها للقارئ الألماني والقارئ العربي، وجدير بالذكر أن “لوشر” صرح للفريق أن أحد الاقتباسات دُفع له 2000 دولار من أجل حقوق اقتباسه في الرواية. وبعد الانتهاء من ورشة العمل، أقامت الصحفية بالدستور نضال ممدوح حوارًا مع “لوشر” وركزت في حوارها على رد فعل القارئ العربي من كتاباته. وجدير بالذكر أنها سألته إن كان يحب “الفوضى” الموجودة في مصر، فأجاب أن الفوضى تكون لها مميزاتها أيضًا على عكس تطبيق النظام بحذافيره في دول أخرى كما في بلده بسويسرا.
وفي نهاية اليوم، استضافته قناة النيل الثقافية في برنامج “حدوتة مصرية” وظهر في فقرة في البرنامج من إعداد ضياء الدين حامد بمشاركة المترجم د. معتز المغاوري. وفي البرنامج قال “لوشر” إن “حضوره مهم جدًا لأن رواية كرافت بها أبعاد ثقافية وأبعاد سياسية ولها علاقة بألمانيا فيلزم وجوده في مصر ليتأكد من أن الترجمة العربية على ما يُرام” وكذلك إن “وجوده في غاية الأهمية ليتواصل مع المترجم ويناقش أهم المشاكل في الرواية والأبعاد الفلسفية فيها وحتى التلاعب باللغة تحديدًا يجب أن يتناقشا بشأنه حتى تظهر الرواية في الشكل المطلوب وتنتقل وجهة نظره للقارئ العربي دون لبس”. كما قال كذلك إن “الرواية بغض النظر عن قصتها البسيطة إلا أنها بها بعض الأبعاد الفلسفية وتتحدث عن التفاؤل والتشاؤم وتطرح سؤالًا للثيوديسيا عن وجود الإله ووجود الشر في الوقت نفسه، وكيف يسمح الإله بوجود الشر ما دام هو موجودًا”.
في اليوم الخامس والأخير، عقد فريق التحرير والمترجم مع “لوشر” ورشة عمل أخيرة لوضع اللمسات النهائية في الرواية لتظهر في أدق شكل ممكن وبما يلائم ثقافة القارئ العربي في الوقت نفسه. واحتفل فريق التحرير مع مدير دار العربي للنشر الأستاذ شريف بكر والمترجم مع “لوشر” بمناسبة الانتهاء من تحرير الرواية بالكامل ولشكره على مشاركته في عملية التحرير التي استغرقت عامًا وشهرًا قبل أن يصل هو إلى مصر ليشارك في اللمسات الأخيرة التي استغرقت خمسة أيام.
جدير بالذكر أن الترجمة العربية لرواية “كرافت” سيتم إطلاقها قريبًا تزامنًا مع إطلاق معرض جدة الدولي للكتاب ومعرض القاهرة الدولي للكتاب، لتكون متاحة فيما بعد في جميع أنحاء الوطن العربي.
كتبت المقالة: إيزيس الشربيني كجزء من مشروع ليتريكس